الثلاثاء، 19 يونيو 2012

و هل مثل سعد يُنسى ؟


جاء جبريل متعمماً بعمامة من إستبرق ، فقال : يا نبى الله من هذا الذي فتحت له أبواب السماء و أهتز له عرش الرحمن ؟

قال : لا أعلم و لكني تركت سعد بن معاذ ينزف .
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم مسرعاً يجر ثوبه و خرج الصحابة معه و أسرعوا حتى تقطعت شسوع نعالهم فشكوا ذلك إليه صلى الله عليه و سلم
فقال : إني أخاف أن تسبقنا إليه الملائكة فتغسله كما غسلت حنظلة
فدخل رسول الله عليه حجرته و قال :

والله ما وجدت مكاناً في الحجرة من تزاحم الملائكة عليه حتى رفع لي ملك جناحه فدخلت ...

و نظر رسول الله صلى الله عليه و سلم لسعد و هو مسجى فقال :

" جزاك الله خيراً سيد القوم ، فقد أنجزت الله ما وعدته ، و لينجزنك الله ما وعدك "

و خرجت جنازة سعد و نزل فيها كما قال صلى الله عليه و سلم : " سبعون ألفاً من الملائكة ما وطئوا الأرض من قبل "

و رغم أن سعداً كان رجلاً ضخماً عظيماً إلا أن جنازته كانت خفيفة و صرح بذلك المنافقون فقالوا : ما أخف جنازته فقال صلى الله عله و سلم :

" إن الملائكة حملته "

و حفر لسعد قبره بالبقيع و كان يفوح المسك عليهم حتى انتهوا إلى اللحد ووضع سعد في قبره ، ورسول الله صلى الله عليه قائم على القبر فقال :
" عجبت لهذا العبد الصالح ، الذي أهتز لموته عرش الرحمن و فتحت له أبواب السماء ، شدّد عليه في قبره ثم فرج الله عنه و لو نجا أحد منضغطة القبر لنجا منها سعد "

***************
يقول الإمام الذهبي : و هذه الضغطة ليست من عذا القبر في شئ بل هو أمر يجده المؤمن كما يجد ألم فقد حبيبه في الدنيا و كما يجد من ألم المرض و ألم الموقف و هول الحساب و نحو ذلك ..

فهذه كلها تنال من العبد و ما هى من عذاب القبر و لا عذاب من عذاب جهنم و لكن العبد التقي يرفق الله به في بعض ذلك أو كله ..

" و لا راحة للمؤمن دون لقاء ربه "

اللهم إنا نسألك العافية و أن تحشرنا في زمرة سعد

**************
و لما أنصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم جعلت دموعه صلى الله عليه و سلم تحادر على لحيته ، و سمع أم سعد تنديه فقال صلى الله عليه و سلم : " كل نادبة كاذبة إلا أم سعد "
ثم التفت إليها و قال : " يا أم سعد إن ابنك أول من ضحك الله له "

و كان الرسول صلى الله عليه و سلم قد دعا لسعد قبل وفاته فقال : (( اللهم إن سعداً قد جاهد في سبيلك و صدق رسولك ، و قضى الذي عليه فتقبل روحه بخير ما تقبلت به روحاً ))
ففتح سعد عينه ثم قال : السلام علي يا رسول الله ، إني أشهد أنك لرسول الله فكانت آخر كلماته ، ثم مات رضى الله عنه و ذلك في السنة الخامسة و عمره36 سنة .

****************************

سعد بعد وفاته

و ظل اسم سعد بن معاذ حاضراً لا يغيب عن رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أنه أهدى يوماً لرسول الله صلى الله عليه و سلم ثوباً من الحرير بعد وفاة سعد بسنين فجعل الصحابة يعجبون من لينه فقال صلى الله عليه و سلم : " أتعجبون من هذا ؟ و الله لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا "

و استمر اسم سعد لا ينساه أحد ... فهذا عمر بن الخطاب بعد سنين طويلة من وفاة سعد يأمر بتدوين الدواوين فيرتب الناس حسب القرابة من رسول الله فلما وصلوا إلى الأنصار سألوه كيف نرتبهم ؟ قال : ابدءوا برهط سعد بن معاذ ثم الأقرب فالأقرب من سعد بن معاذ .

و هل مثل سعد يُنسى ؟!!

قال سعد بن معاذ عن نفسه : ثلاثة أنا فيهن رجل _ يقصد أناه يتميز بهن _ و ما سوى ذلك فأنا رجل من المسلمين :

**  ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئاً قط إلا علمت أنه الحق من الله عز وجل .
** و لا كنت في صلاة قط فشغلت نفسي بشئ غيرها حتى أقضيها .

** و لا كنت في جنازة قط فحدثت نفسي بغيرها حتى أنصرف عنها .

قال سعيد بن المسيب : هذه الخصال ما كنت أحسبها إلا في نبي .

قالت عائشة : كان في بني عبد الأشهل ثلاثة لم يكن أحد أحسن منهم (( سعد بن معاذ ، أسيد بن حضير ، و عبادة بن بشر ))

إنهم رجال صنعهم الإسلام و إنهم رجال صدقوا الله في ما عاهدوه عليه

دكتور محمد جيلاني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق